الطاشناق يُفاضل بين التيّار والمر!
تمتلك الطائفة الأرمنية باعتبارها مركز ثقل انتخابي مؤثر مفاتيح إيصال الأحزاب والقوى السياسية الأخرى إلى المراكز النيابية والبلدية والاختيارية. امتداد بصمتها السياسية الوازنة تكرّست بعد اتفاق الطائف فخُصِّص للأرمن 6 مقاعد في البرلمان، 5 للأرمن الأرثوذكس ومقعد واحد للأرمن الكاثوليك، وتوزّعت على الدوائر كالآتي: 3 أرثوذكس ومقعد كاثوليكي في العاصمة بيروت، مقعد للأرثوذكس في كل من المتن وزحلة.
أقوى الأحزاب الأرمنية، حزب الطاشناق يليه الهنشاك والرامغفار. والحزب الأقوى أرمنيًا بدّل تحالفاته من الراحل ميشال المرّ في محطات سياسية كثيرة بتغيرات لم تحيد عن سياسات قوى السلطة.
في انتخابات 2005 لعب الحزب، الأقوى أرمنياً، دوراً أساسياً في إيصال لائحة العماد ميشال عون في انتخابات 2005، وأسقط الرئيس أمين الجميل في الانتخابات الفرعية في العام 2007، وكان التصويت الأرمني الكثيف بيضة القبّان في فوز لائحة التيار الوطني الحرّ على تحالف 14 آذار والمرّ في انتخابات 2009 والتي خرقها النائبان المرّ وسامي الجميل.
لكن تحالف الطاشناق والتيّار الوطني الحر في الاستحقاق الانتخابي يمر باختبار صعب بسبب “ضيق حال” مروحة الحصاد الانتخابي لهذا التحالف. وتساهم نقمة الناخب الأرمني على انحلال الدولة والانهيار الاقتصادي والاجتماعي في تراجع حماسته للمشاركة في الانتخابات.
في جولته الاغترابية لم ينجح النائب آغوب بقرادونيان باستنهاض الناخبين الناقمين على ما وصلت إليه البلاد. وعدد المغتربين الأرمن بلغ بحسب “الدولية للمعلومات” كالتالي: في بيروت التي تضم أربعة مقاعد أرمنية، ثلاثة أرثوذكس ومقعد كاثوليك، سُجل 1270 أرمنياً. وفي المتن الشمالي حيث يوجد مقعد أرمني سُجل 894 أرمنياً بين أرثوذكس وكاثوليك. أما في زحلة حيث هناك مقعد أرمني واحد فتسجل 231 أرمنياً.
وثمة قلق من خسارة رئيس الحزب أغوب بقرادونيان، العائد من رحلة خارجية، فقد تُبيّن حسب الدراسات أن خوضه الانتخابات في المتن مع العونيين سيرفع حاصل اللائحة البرتقالية دون أن يضمن مقعده التقليدي. وعلى مقلب آخر، فإن دخول رئيس الطاشناق على لائحة واحدة مع سليل آل المر، المرشح ميشال الياس المرّ الذي بالكاد يتمكن من تأمين حاصل واحد، سيؤدي حكماً إلى سقوط بقرادونيان.
المعركة دقيقة والحزب الأرمني لا يريد حسم صورة تحالفاته عشوائيًا، وقد باشر بحسب معلومات “أحوال” باستفتاء الدراسات والإحصائيات، كما فتح أبواب الاستشارات والمفاوضات لوضح خريطة تحالفات تضمن الحفاظ على كتلته النيابية في البرلمان، التي تضم نائب المتن آغوب بقرادونيان ونائبيْ بيروت الأولى هاكوب ترزيان وألكسندر ماطوسيان.
حتى اللحظة يردد بقرادونيان أن لا شيء محسوم بالنسبة لتموضع الحزب، وأن أبواب التحالفات مفتوحة أمام جميع من يؤمن حضورهم.
في ظل هذا القانون تؤمن كتلة الطاشناق أقل من حاصل في المتن الشمالي ما يساوي 0.8، وصموده في البرلمان المقبل لا يتحقق سوى على لائحة التيار، التي ضمت كلّا من ابراهيم كنعان والياس بو صعب وإدغار معلوف وبقرادونيان. لكن حسابات 2018 لا تنطبق على أرقام 2022 فالتيّار لن يستطيع أن يؤمن أربعة حواصل بالإبقاء على النواب الحاليين. وربما هذا ما قد يدفع النائب الياس بو صعب إلى الإحجام عن الترشّح، وهو قد مهد لذلك بنأي نفسه عن الانتخابات الداخلية للتيّار، في خطوة على طريق الخروج من دائرة التيّار الوطني الحر لحمايته أعماله الشخصية خارج لبنان. وعند ذلك يصبح للائحة ثلاثة حواصل تضمن عودة بقرادونيان إلى البرلمان.
في دائرة بيروت الأولى، يحتفظ الطاشناق بحاصل انتخابي، يتخوف التيّار من ضمه إليه ما يقود إلى خسارته المقعد الذي يشغله النائب نقولا الصحناوي، الذي لا يضمن حاصله، لصالح نجاح مرشح الحزب الأرمني. ومن المعلوم أن حزب “الهنشاك” أعلن منذ أسبوعين ترشيح أرام مأليان عن مقعد الأرمن الأرثوذكس في دائرة بيروت الأولى.
أما في زحلة فيخشى حزب الطاشناق من تكرار تجربة عام 2018 حيث فاز النائب إدي دمرجيان، حليف حزب الله وبيار فتّوش، بـ77 صوتاً تفضيلياً على حساب مرشّح الطاشناق جورج بوشيكيان (وزير الصناعة الحالي) الذي حاز على العدد الأكبر من الأصوات الأرمنية.
أمام الحزب عمل مكثّف قبل بلورة خطواته الانتخابية وعلى بعد أسبوع من إقفال باب الترشيحات وكما كل الأحزاب فالأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات، لكن الخطوات الناقصة لن يتحملّها أحد بسبب تفريخ المجموعات السياسية المناوئة وتراجع اهتمام الناخبين لا سيّما ناخب الطائفة الأرمنية التي هاجر عدد كبير من أبنائها إلى أرمينيا وأميركا الشمالية وأوروبا.